“سر نبوي” في طعامك: الكشف عن الحكمة وراء النهي عن خلط التمر والزبيب!

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!

يطرح العديد من المسلمين تساؤلات حول سبب نهي النبي محمد صلى الله عليه وسلم عن تناول التمر والزبيب معاً، وهل يمتد هذا النهي ليشمل أطباق مثل “الخشاف”. قدمت الداعية بوزارة الأوقاف، منى نجم، إجابات وافية تستند إلى الأحاديث النبوية الشريفة وتفسيرات كبار العلماء.

أصل النهي النبوي: منع “النبيذ” المتسارع التخمر

أوضحت الداعية منى نجم أن الأحاديث النبوية الصحيحة، المروية في صحيحي البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، نصت صراحة على النهي عن “نَبْذ” (نقع) التمر والزبيب معاً، وكذلك الرطب والبسر (التمر غير الناضج) معاً. وجاء في رواية عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم “نهى أن نجمع شيئين نبيذاً يبغي أحدهما على صاحبه”.

تفسر هذه الأحاديث بأن النهي ينصرف إلى انتباذ الخليطين وتناولهما، حيث يُقصد بالنبيذ هنا المنقوع الذي قد يتخمر. ويشمل ذلك خلط التمر مع الزبيب، أو التمر مع الرطب، أو التمر مع البسر، أو الرطب مع البسر، أو الزهو (التمر غير الناضج جداً) مع غيره من المذكورات.

العلة الشرعية: سرعة الإسكار قبل تغير الطعم

اتفق جمهور العلماء على أن العلة الأساسية للكراهة في هذا النهي هي أن خلط هذه الأنواع من الثمار عند نقعها يسرع من عملية الإسكار (تحولها إلى مسكر) قبل أن يتغير طعمها ورائحتها بشكل ملحوظ. هذا قد يدفع الشارب إلى الاعتقاد بأنه يشرب مشروباً غير مسكر، بينما يكون قد أصبح كذلك بالفعل.

وأفادت الداعية أن مذهب جمهور العلماء هو أن هذا النهي يعد كراهة تنزيهية، أي أنه لا يصل إلى حد التحريم القطعي ما لم يتحول المشروب بالفعل إلى مسكر. ومع ذلك، هناك خلاف في المذاهب الفقهية، حيث ذهب بعض المالكية إلى تحريم ذلك مطلقاً، بينما لم يرَ أبو حنيفة وأبو يوسف في رواية عنهما أي كراهة، استناداً إلى أن ما حُل مفرداً يُحل مخلوطاً. لكن الجمهور ردوا على هذا الرأي مؤكدين أن الأحاديث الصريحة في النهي توجب الكراهة على الأقل إن لم تكن التحريم.

تطبيق النهي: النبيذ مقابل الأطعمة الأخرى

الخلاف الفقهي يبرز أيضاً حول ما إذا كان النهي يقتصر على الشرب (أي النبيذ) أم يعم الخلط في صور أخرى. الرأي الأصح والأكثر شيوعاً هو التعميم على النقع الذي يؤدي إلى الإسكار.

أما بالنسبة لخلط التمر والزبيب أو غيرهما في المعجون أو سلطة الفواكه (مثل التفاح مع الموز والبرتقال)، فلا بأس به باتفاق العلماء. ففي هذه الحالات، لا يؤدي الخلط إلى سرعة الإسكار، ولا يندرج تحت علة النهي الأساسية.

في الختام، يُفهم من التوجيه النبوي أن الكراهة تتعلق بالخلط الذي يمكن أن يؤدي سريعاً إلى الإسكار. وإذا ما ثبت أن هذا الخلط سيؤدي إلى إنتاج مادة مسكرة، فإن التحريم يصبح قاطعاً بلا شك. هذا يوضح حرص الشريعة الإسلامية على حماية المسلم من الوقوع في المحرمات دون دراية.


أسباب النهي عن النبيذالتمر والزبيبالفقه الإسلاميحكمة تحريم الخلط

‫0 تعليق

اترك تعليقاً