مع قرب أيام التشريق لموسم الحج 1446هـ، يبرز جسر الجمرات في مشعر منى كإنجاز هندسي استثنائي. هذه المنشأة ليست مجرد ممر، بل منظومة متكاملة صُممت بذكاء لضمان انسيابية وأمان شعيرة رمي الجمرات. تستعرض المملكة العربية السعودية من خلال هذا الصرح التزامها بتقديم أرقى الخدمات لضيوف الرحمن، بما يتماشى مع أهداف رؤية السعودية 2030.
تصميم مبتكر لاستيعاب الحشود الضخمة
يتكون جسر الجمرات من خمسة طوابق متكاملة، كل منها مجهز بمسارات منفصلة للجمرات الثلاث (الصغرى، الوسطى، الكبرى). يسمح هذا التصميم باستيعاب أكثر من 300 ألف حاج في الساعة الواحدة، متجاوزاً بذلك 3 ملايين حاج خلال أيام التشريق. تُدار حركة الحجاج بفعالية عبر جدولة زمنية دقيقة لضمان التدفق السلس وتجنب أي تكدس.
إدارة ذكية للحشود بتقنية “نسك”
تعتمد وزارة الحج والعمرة على خطة تفويج إلكترونية متطورة عبر تطبيق “نسك”. يُحدد التطبيق وقت دخول كل مجموعة من الحجاج إلى الجسر ومسار حركتها، مما يقلل الازدحام ويوزع الحشود بذكاء على مدار اليوم. تُشرف على هذه العملية فرق ميدانية من وزارة الحج، مدعومة بقوات أمنية ومتطوعين مدربين، لتوفير الإرشاد والمساعدة الفورية في جميع الطوابق.
راحة الحجاج أولاً: تبريد ومراقبة على مدار الساعة
للتخفيف من تأثير درجات الحرارة المرتفعة، زُود جسر الجمرات بأنظمة رش رذاذ الماء على طول المسارات، بالإضافة إلى مظلات عملاقة توفر الظل لمناطق الرمي والمشي. كما تساهم المساحات الخضراء المحيطة بالمنشأة في تحسين المناخ العام.
يُشرف على حركة الحشود داخل المنشأة أكثر من 1000 كاميرا مراقبة متصلة بغرفة عمليات مركزية، وتُستخدم أجهزة استشعار رقمية لقياس كثافة الحركة وإطلاق التنبيهات الفورية عند الحاجة لضمان أعلى مستويات الأمان.
مداخل ومخارج مخصصة: تسهيل حركة الملايين
لتنظيم الدخول والخروج، خُصصت منافذ دخول وخروج منفصلة لكل بعثة حج، وذلك بناءً على موقع إقامتها في منى. تعرض خرائط تطبيق “نسك” هذه المسارات لكل حاج، مع توفير ممرات خاصة لذوي الإعاقة وكبار السن لضمان راحتهم وسهولة تنقلهم. يُبرز هذا النظام المتكامل حجم الاستثمار السعودي الهائل في سبيل تحسين تجربة الحجاج.
الجمرات: نموذج عالمي في إدارة الحشود
يُجسّد جسر الجمرات اليوم إنجازاً هندسياً وتنظيمياً رائداً على مستوى العالم، ليس فقط في الإدارة الدينية، بل في قطاع إدارة الحشود عالمياً. إنه يجمع بين أحدث التقنيات، البنية التحتية المتقدمة، والخبرة السعودية المتراكمة في استقبال وإدارة الملايين من ضيوف الرحمن سنوياً. ومع كل موسم حج، تتجدد الجهود لتطوير هذه المنشأة وتعزيز كفاءتها، تأكيداً لالتزام المملكة بتوفير أقصى درجات الراحة والأمان للحجاج.
