في تطور بالغ الأهمية لمستقبل الطاقة في كندا، أعلنت شركة إكسون موبيل الأمريكية عن اكتشافين نفطيين ضخمين في حقلي هيبرنيا وهبرون البحريين، الواقعين ضمن حوض جان دارك في مقاطعة نيوفاوندلاند ولابرادور. تقدر هذه الاكتشافات بحوالي 75 مليون برميل من النفط، ما يشكل كنزًا نفطيًا واعدًا بمليارات الدولارات، ويعزز الآمال في نهضة صناعة الطاقة الكندية بعد سنوات من الاستكشافات غير المشجعة.
75 مليون برميل: ثروة جديدة لكندا
أكدت كيري مورلاند، رئيسة نشاط الأعمال في إكسون موبيل كندا، أن الحقلين البحريين يحويان احتياطيات ضخمة. يُقدر حقل هيبرنيا بـ 25 مليون برميل من النفط، بينما يحتوي حقل هبرون على ضعف هذه الكمية على الأقل، ليصل الإجمالي إلى 75 مليون برميل. مع أسعار النفط الحالية، تمثل هذه الاكتشافات ثروة هائلة ستسهم في تعزيز الاقتصاد المحلي والعالمي.
اكتشافات بفضل التقنيات الحديثة
تُعد هذه الاكتشافات ثمرة التطور التكنولوجي الكبير في عمليات التنقيب. فقد جرى استخدام تقنيات حفر متقدمة وخرائط جوفية دقيقة للوصول إلى الخزانات غير المستغلة وكتل الصدوع. كانت بئر “إي بريم” إحدى أكثر الآبار إثارة للاهتمام، إذ كانت تنطوي على مخاطر جيولوجية عالية، لكن النتائج فاجأت الجميع بكميات ضخمة من النفط.
استثمارات طويلة الأمد تؤتي ثمارها
استثمرت إكسون موبيل مبلغًا قدره 60 مليون دولار كندي (حوالي 43 مليون دولار أمريكي) منذ عام 2002 في تطوير البنية التحتية البحرية بالمنطقة. أثمرت هذه الاستثمارات عن استئناف عمليات الحفر في منصات توقفت سابقًا بسبب التحديات. يعتمد التطوير الحالي على منصات بحرية خرسانية ضخمة تعمل بنظام الجاذبية، صُممت لتحمل الظروف القاسية والجبال الجليدية المحيطة بالمنطقة.
دعم حكومي وتفاؤل اقتصادي
يأتي هذا الاكتشاف بعد أقل من يومين من إعلان تقييم جديد لحوض جان دارك، الذي كشف عن 10 تريليونات قدم مكعبة من الغاز الطبيعي غير المستغل، بالإضافة إلى 30 تريليون قدم مكعبة من الموارد المحتملة. وصف ستيف كروكر، وزير الطاقة في المقاطعة، هذا التقييم بـ “المؤشر الاقتصادي الواعد”، مشيرًا إلى أن التحليل اعتمد على أحدث المنهجيات الجيولوجية لتقييم الموارد في الحوض الذي يُعد من الأكثر أهمية في كندا.
التكنولوجيا الحديثة تحدث فرقًا كبيرًا
كان لتطبيق تقنية الحفر تحت الضغط المدار (Managed Pressure Drilling) دور كبير في تحسين كفاءة الحفر، مما مكّن من تنفيذ آبار أعمق وأكثر تعقيدًا. طُبقت هذه التقنية بنجاح خلال عام 2024، وواصلت الشركة استخدامها في مارس 2025 ضمن أعمال الحفر في حقل هيبرنيا. كما استفادت إكسون موبيل من تقنيات المسح الزلزالي رباعي الأبعاد، التي مكنت الشركة من تحديد مواقع واعدة للتنقيب، ما يزيد من فرص النجاح في الاكتشافات المستقبلية.
تحديات سابقة وآمال مستقبلية
رغم هذه الاكتشافات الكبيرة، لم تخلُ الرحلة من التحديات. عانت الشركة من إخفاقات في مناطق أخرى، مثل بئر “بيرسيفوني” البرية التي حُفرت في حوض أورهبان الحدودي خلال العام الماضي، ولم تحقق النتائج المرجوة، رغم كونها ثاني أعمق بئر بحرية تحفرها الشركة عالميًا. ومع ذلك، تشير كيري مورلاند إلى أن هذه التجربة وفرت بيانات قيمة ستمكّن الشركة من صياغة استراتيجيات استكشافية مستقبلية أكثر دقة.
خاتمة: مستقبل واعد للطاقة في كندا
يعتبر هذا الاكتشاف ضوءًا جديدًا في أفق قطاع الطاقة الكندي. ففي وقت كانت فيه نتائج الاستكشافات النفطية في المنطقة غير مشجعة، جاء هذا الإنجاز ليعزز الآمال في مستقبل مستدام لصناعة الطاقة في نيوفاوندلاند ولابرادور. مع استمرار الاستثمارات والتقدم التكنولوجي، يُتوقع أن يشهد الحوض المزيد من الاكتشافات التي قد تُغير المشهد الاقتصادي في كندا بشكل جذري.